نوخذة سبعيني يتطوع لتعليم الطلاب أساسيات الغوص
أسس المواطن محمد سعيد الملاحي (76 عاماً)، من منطقة مربح في إمارة الفجيرة، متحفاً خاصاً، وزوّده بكل ما هو متعلق بالتراث البحري، لرواية «قصة البحر للمواطنين والمقيمين والسياح»، ودعا الطلاب والطالبات إلى زيارة المتحف، «حتى يتمكنوا من ربط ماضيهم بمستقبلهم».
ويمثل الملاحي نموذجاً وطنياً في التطوع، إذ بذل وقته وجهده لنقل معرفته بالتراث البحري والشعبي للأجيال الجديدة، عبر دورات تعريفية بالغوص قدمها لطلبة المدارس.
وقال الملاحي لـ«الإمارات اليوم» إن «الحديث عن بحر الفجيرة وما قدمه لنا، لن يكون إلا حديث شجن، فقد كان قديماً يسدّ الجوع، ويغني الجيب، ويستر حاجة كثير من الأهالي، وهو لايزال يعطي خيراته دون توقف لأبناء المنطقة من مرتاديه وجيرانه».
وتابع أن «البحر هو هويتنا التي لابد أن نرسخ انعكاسها في نفوس الأجيال الجديدة، من خلال إظهار قيمته الحقيقية في ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا».
ولفت إلى أن «فكرة التطوع جاءت من تلقاء نفسها مع تقدم التكنولوجيا وتطور العلوم، وابتعاد بعض العوائل – في تعليم أبنائها – عن هويتهم، بدلاً من أن يفخروا بها، وينقلوها من جيل إلى آخر، مستفيدين من الوسائل التكنولوجية الجديدة لتظل خالدة وراسخة، وعموداً ثابتاً في الثقافة الإماراتية».
وأفاد الملاحي بأنه بدأ أولى ساعاته التطوعية بالمدارس الحكومية القريبة من منزله، بعدما اقترح على إداراتها إعطاء حصص للطلبة والطالبات، لتعريفهم بالتراث البحري الأصيل، مشيراً إلى أن المدارس رحبت بالفكرة وبالتعاون معه، والاستعانة به في المناسبات الوطنية.
وتابع الملاحي: «عمري لم يشكل عائقاً أمام هدفي، فقد كرّست وقتي وجهدي للانتقال من إمارة إلى أخرى، من أجل تعليم الأطفال، وإيصال رسالة يفوح منها عبق الماضي الأصيل والعريق»، مضيفاً أنه يضطر إلى الابتعاد عن منزله لمدة تتجاوز الأسبوع أحياناً، من أجل أن يعزز مفهوم الهوية الوطنية لدى الجيل الجديد من الطلبة في مدارس الفجيرة وأبوظبي ودبي.
وتابع الملاحي سرد أسباب شغفه بتعليم الأطفال والناشئة المهارات المتعلقة بالبحر: «ما توارثناه من أجدادنا كان حكماً علينا أن نرسّخه في أذهان أبنائنا وأطفالنا. وبحكم أنني (نوخذة) كان واجباً عليّ أن أنقل هذا الإرث والحياة الفريدة التي عرفها أجدادنا وعاشوها وقاسوا فيها من أجل كسب لقمة العيش، ومن هنا ظهرت لي فكرة أن أقيم متحفي الخاص بميناء مربح، وتزويده بكل ما هو متعلق بالتراث البحري، وحكاية البحر القديمة، وأجزاء من عظام لقروش تم اصطيادها من فترة طويلة وغيرها، وذلك بهدف أن يرى الزائر، سواء من المواطنين أو المقيمين أو السياح هذا الإرث بصورة ملموسة وواقعية. كما أدعو الأجيال الجديدة إلى دمج هذا الإرث بالحاضر الذي يعيشونه، لتتشكل لديهم هوية وطنية واضحة، تتمثل بكيف عاش أجدادهم».
وأكد أنه يحرص على إعطاء الأطفال والناشئة تجارب واقعية لطريقة الغوص القديمة، الأمر الذي يلاقي استحسانهم وتفاعلهم، نظراً لإدراكهم كيفية استغلال المواطنين القدامى أبسط الأدوات من أجل جمع اللؤلؤ وبيعه في الأسواق المحلية والعالمية.
وأردف أنه يخصص حصصاً للإناث، يعلمهن من خلالها التمييز بين أنواع اللؤلؤ، وكيفية استخراجه بالطرق القديمة، والأدوات التي كانوا يحتاجون إليها قديماً، ويشرح لهن كيف كان يتم استغلال الأصداف في الزينة، وبعض الحرف اليدوية تمهيداً لارتدائها أو بيعها في السوق.
البحر كان قديماً يسدّ الجوع.. ويغني الجيب.. ويستر حاجة كثير من الأهالي.. وهو لايزال يعطي خيراته دون توقف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر