الإمارات وبولندا تتفقان على برنامج تعاون اقتصادي مشترك يتضمن مسارات للشراكة
اتفقت حكومة دولة الإمارات وجمهورية بولندا على برنامج تعاون اقتصادي مشترك يتضمن مسارات للشراكة وتنمية الأعمال التجارية والاستثمارية المتبادلة خلال المرحلة المقبلة، والتعاون على المستويين الحكومي والخاص في المجالات والقطاعات ذات الأولوية على الأجندة الاقتصادية للبلدين، ومن أبرزها الأمن الغذائي والطاقة المتجددة والتكنولوجيا المتقدمة والزراعة والنقل والسياحة والفضاء.
كما تضمن البرنامج تقديم برامج وتسهيلات تسهم في تسريع نمو الشركات الناشئة وتوفير الحوافز والفرص للمستثمرين والمصدرين من الجانبين بما يدعم نمو وتنوع المشاريع وأنشطة التبادل التجاري بين البلدين.
جاء ذلك خلال اجتماع الدورة الثالثة للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، الذي عقد في العاصمة البولندية وارسو، برئاسة معالي الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، ومعالي جرزيجورز بيشوفياك، وزير دولة في وزارة التنمية الاقتصادية والتكنولوجيا البولندية.
وشارك في أعمال اللجنة وفد من دولة الإمارات ضم سعادة راشد عبد الكريم البلوشي وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي، وسعادة جمعة محمد الكيت الوكيل المساعد لشؤون التجارة الدولية في وزارة الاقتصاد، وسعادة حميد بن سالم الأمين العام لاتحاد غرف التجارة والصناعة بالدولة، وعدد من ممثلي الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية ورجال الأعمال وممثلي القطاع الخاص من مختلف إمارات الدولة.
وأكد الدكتور ثاني الزيودي، أن دولة الإمارات وبولندا ترتبطان بعلاقات استراتيجية واقتصادية متميزة وراسخة تطورت على مدى أكثر من ثلاثة عقود، وأن دولة الإمارات حريصة على تعزيز أواصر هذه العلاقات ودفعها إلى آفاق أرحب من التعاون الثنائي والعمل الاقتصادي المشترك بما يدعم فتح مجالات عمل جديدة خاصة في ظل وجود فرص استثمارية وتجارية كبيرة، الأمر الذي يصب في دعم النمو المستدام لاقتصاد البلدين.
وقال معاليه ” دولة الإمارات تعد من أكبر الشركاء التجاريين لبولندا في المنطقة، حيث بلغ حجم التجارة البينية غير النفطية بين البلدين قرابة 3 مليارات درهم خلال النصف الأول من العام الحالي، محققاً نمواً قدره 22%، مقارنة بنفس الفترة من عام 2021، بينما بلغ حجم التجارة البينية غير النفطية بين البلدين نحو 5.3 مليار درهم خلال العام الماضي، محققاً نمواً بنسبة 12% مقارنة بعام 2020″.
وأضاف ” نتطلع من خلال اللجنة لبناء مرحلة جديدة من التعاون الاقتصادي والتجاري تسهم في زيادة نمو التجارة الثنائية والاستثمارات المتبادلة، وذلك من خلال تحفيز إقامة مجموعة من المشاريع التجارية وتبادل الخبرات والمعرفة في عدد من المجالات على مستوى القطاعين الحكومي والخاص، وتوفير الممكنات أمام المستثمرين ومجتمعي الأعمال للاستفادة من الفرص الاستثمارية في البلدين”.
واستعرض معاليه أبرز المبادرات الاقتصادية التي أطلقتها الدولة في إطار رؤية قيادتها الرشيدة للمستقبل ومن أبرزها مشاريع الخمسين الاستراتيجية مثل برنامج الشراكات الاقتصادية الشاملة ومبادرة إنفستوبيا العالمية للاستثمار واستراتيجية جذب المواهب، كما أطلع معاليه الجانب البولندي على التطور الشامل في منظومة التشريعات الاقتصادية ومنها السماح بالتملك الأجنبي للشركات بنسبة 100% والسياسات الضريبية المرنة، وتسهيل إجراءات تأسيس مزاولة الأعمال، بما يرسخ مكانة الإمارات كمركز عالمي للتجارة والاستثمار. ودعا معاليه مجتمع الأعمال البولندي للاستفادة من الحوافز والفرص الاستثمارية التي توفرها البيئة الاقتصادية في الدولة ولا سيما في قطاعات العقارات وتجارة التجزئة والتصنيع والتكنولوجيا والأنشطة المالية والتأمين.
من جانبه أكد معالي جرزيجورز، على الدعم الكامل الذي تظهره الحكومة البولندية لجميع المبادرات ومشاريع التعاون الثنائي مع دولة الإمارات في مجالي التجارة والاستثمارات المتبادلة، وتجلَّى ذلك من خلال مشاركة بولندا في معرض “إكسبو 2020 دبي”، حيث اشتملت على العديد من الفعاليات الاقتصادية، بما فيها “المنتدى العربي البولندي” و”المنتدى البولندي الإفريقي”، واللذين حظيتُ بشرف المشاركة فيها.
وقال ” يمثل الاجتماع فرصةً هامةً لطرح العروض البولندية في مجالات الأمن الغذائي ومصادر الطاقة البديلة وحلول شبكات الجيل الخامس 5G وخدمات تقنية المعلومات، كما أن الشراكة الإماراتية البولندية في مجال الاستثمارات المتبادلة تحمل أفقاً واسعاً من الفرص التي لم يتم استكشافها بعد، لذا فإننا ندعو المستثمرين الإماراتيين لزيارة بولندا، ونحن نتطلع إلى مساهمتهم الجوهرية في المشاريع الحالية والمستقبلية. كما نسعد بالشراكات التي عقدتها المؤسسات البولندية، ومن بينها “صندوق التنمية البولندي” و”بنك التنمية الوطني” و”الوكالة البولندية للتجارة والاستثمار”، مع نظرائها الإماراتيين، وعلى رأسهم “مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج”، ونؤكد دعمنا المستمر لهذه الشراكات”.
من جانبها أكدت سعادة الدكتورة إيمان أحمد السلامي، سفيرة الدولة لدى جمهورية بولندا، أن العلاقات الإماراتية البولندية تتسم بعمق الرؤية والصداقة، وهي قائمة على روح التفاهم والاحترام المتبادل والرغبة المشتركة في تطوير هذه العلاقات إلى آفاق أوسع من التعاون الثنائي في شتى المجالات، حيث تم توقيع العديد من الاتفاقيات التجارية، والتي من شأنها توسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري وتحفيز الاستثمارات المتبادلة. ومثلت مشاركة بولندا في معرض “إكسبو 2020 دبي” رسالة قوية تؤكد متانة وراسخة التعاون الوثيق بين البلدين الصديقين.
وأضافت ” يصب الاجتماع الثالث للجنة الاقتصادية الإماراتية – البولندية المشتركة في تعزيز التعاون في عدد من القطاعات الواعدة وأبرزها الأمن الغذائي والطاقة المتجددة والذكاء الإصطناعي والتكنولوجيا المالية والتصنيع، وزيادة حجم الاستثمارات المتبادلة، وخلق شراكات تجارية واستثمارية جديدة خلال المرحلة المقبلة، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين”.
وقال سعادة راشد عبد الكريم البلوشي، وكيل دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي ” يأتي الاتفاق على برنامج التعاون الاقتصادي تتويجاً للعلاقات المتينة مع بولندا، ويمثل تدشيناً لمرحلة جديدة من التعاون في مجالات متعددة، وندعو المستثمرين ورواد الأعمال للاستفادة من الفرص الواسعة التي يتيحها البرنامج في بيئة الأعمال الملائمة لنمو وازدهار الاستثمارات في البلدين”.
وأضاف ” قامت إمارة أبوظبي بتأسيس بيئة اقتصادية داعمة، وإنجاز بنية تحتية واتصالات بمستويات عالمية، وتميزها برؤية ومنهج لريادة الأعمال لتوفير فرص النمو للمستثمرين، ما أسهم في تعزيز مكانتها كوجهة مفضلة للأعمال والاستثمارات” مشيراً إلى أن القطاعات التي يركز عليها برنامج التعاون تشمل مجالات تتميز بفرص نمو أعلى مثل القطاعات ذات الأولوية التي تعزز أبوظبي استثماراتها فيها لدعم الأعمال والتوسع والنمو بما في ذلك التقنيات الزراعية والتكنولوجيا المالية والرعاية الصحية والصناعة الدوائية، والطاقة، والسياحة، وتقنية المعلومات.
وبلغ إجمالي الاستثمارات الإماراتية المباشرة في بولندا نحو 736 مليون درهم “208 مليون دولار”، وترتكز هذه الاستثمارات في قطاعات الطيران والسياحة والإلكترونيات والسيارات والصناعات الغذائية والعلوم والتكنولوجيا، بينما بلغ إجمالي الاستثمارات البولندية المباشرة في الإمارات نحو 345 مليون درهم “94 مليون دولار”، وشملت هذه الاستثمارات قطاعات العقارات والتكنولوجيا والعلوم والتقنيات الحديثة وتجار التجزئة.
واتفق الطرفان خلال اللجنة على أهمية مواصلة الجهود المشتركة لاستكشاف مزيد من فرص التعاون الاقتصادي في القطاعات ذات الأولوية على المستويين الحكومي والخاص، وتوفير كافة سبل الدعم للمصدرين والمستوردين لتسهيل وزيادة تبادل السلع والخدمات، والعمل على تنويعها، وبحث الفرص الاستثمارية الواعدة وفتح قنوات جديدة للتواصل بين المستثمرين والشركات في الجانبين، بما يسهم في دفع اقتصاد البلدين قدماً ويرسخ من قوة ومتانة العلاقات الثنائية.
كما اتفق الطرفان على تعزيز التعاون المشترك والاستثمارات المتبادلة في قطاع الطاقة والطاقة المتجددة، وتنمية الشراكة بين شركات النفط والغاز في البلدين لتطوير مشاريع مشتركة في مجال الطاقة الهيدروكربونية. كما أكد الطرفان حرصهما على تطوير الاستثمار المشترك وتبادل المعرفة في مجال الطاقة المتجددة، حيث أبدت شركة مصدر اهتمامها بزيادة استثماراتها في مشاريع طاقة الرياح في بولندا.
واتفق الطرفان على توفير برامج وتسهيلات من شأنها تسريع نمو الشركات الناشئة في أسواق البلدين وزيادة استثماراتها ودعم صادراتها للوصول إلى أسواق جديدة، إضافة إلى تشجيع أصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال على الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الجديد، بما يسهم في دعم زيادة نسبة مساهمة قطاع المشاريع والمتوسطة في الناتج المحلي للبلدين.
وأبدى الطرفان اهتماماً كبيراً بتعزيز التعاون المشترك في مجال الأمن الغذائي والزراعة وذلك من خلال زيادة التبادل التجاري في السلع الغذائية والمنتجات الزراعية والحيوانية والحيوانات الحية خلال المرحلة المقبلة، خاصة أن بولندا من أكبر الدول المنتجة للحوم في أوروبا.
كما اتفق الطرفان على إعداد برامج تنموية جديدة تعزز من حماية البيئة والمحميات الطبيعية والتنوع البيولوجي، وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال صناعة إعادة تدوير النفايات، والعمل على اتخاذ خطوات عملية لتوفير فرص التعاون والاستثمار المشترك للشركات الإماراتية والبولندية.
وأبدى الطرفان رغبتهما لإقامة معارض وفعاليات ومؤتمرات سياحية مشتركة خلال المرحلة المقبلة من شأنها الترويج عن أبرز المعالم السياحية والتاريخية في البلدين، ودعم الاستفادة من الممكنات والمقومات للتنوع السياحي التي يمتلكها الإمارات وبولندا لجذب المزيد من الوفود السياحية من جميع أنحاء العالم.
كما أبدى الطرفان اهتمامهما الكبير لتبادل الخبرات في القطاع التعليمي وتشجيع الطلاب والدراسين للالتحاق بالمؤسسات التعليمية والجامعات في البلدين، وتعزيز التعاون الرقمي والتكنولوجي المشترك في مجالات المعرفة والابتكار والتكنولوجيا والتحول الرقمي، وذلك عبر تطوير وإقامة مشاريع مشتركة لهذه المجالات، حيث تم اقتراح تدشين أول حاضنة أعمال مشتركة متخصصة في صناعة ألعاب الفيديو، إضافة إلى تبادل أفضل الخبرات والممارسات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يدعم خطط البلدين في التحول نحو اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.
وحرص الطرفان على دعم التعاون المشترك بين مؤسسات وهيئات النقل البحري في البلدين، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في البنية التحتية للموانئ البحرية والتكنولوجيا البحرية وبناء السفن، واتفق الجانبان أيضاً على إقامة مشاريع تجارية لقطاع النقل البري، وتعزيز الاستفادة من الاتفاقيات الموقعة بين البلدين في قطاع النقل الجوي.
واتفق الطرفان على توفير مجموعة من الدورات التدريبية للأفراد وشركات التكنولوجيا البولندية العاملة في المجال الفضائي، والعمل على استكشاف فرص جديدة تعزز من الاستثمارات المتبادلة بين الشركات الإماراتية والبولندية في قطاع الفضاء.